بوابة الإشكالات الجادة هي لغتها. فحيثما حضر التدقيق في اللغة والاصطلاح والمفهوم، حضرت الرصانة في التفكير والرزانة في التحليل والوضوح في الرؤية وشفافية المرجعية. وما دام التفكير العلمي والمنهج الموضوعي هو هدفنا في هذا البحث، فإن الغاية الأولى منه تقتضي التفرغ الكامل لتبديد كل لبس أو غموض يعتري لغة هذا البحث ولغة مجال هذا البحث. وعليه، سيتفرغ هذا البحث لمقاربة المصطلح الترجمي، في السياق العربي، من عدة أوجه، بدءَ باللغة ومرورا بالاصطلاح وانتهاء بالأوزان الصرفية العربية.
1. "الترجمة"، لغة واصطلاحا:
1.1. الترجمة، لغةً:
1.1.1. الفعل، "تَرْجَم" في السياق العربي:
1.1.1.1. منظور الجوهري:
يحيل الفعل "ترجم" على معان عدة تتقاطع أحيانا وتتباين أحيانا أخرى لكن الجوهري (المتوفى سنة 398 هـ) حصره في دلالة واحدة: "ترجم كلامه: إذا فسره بلسان آخر"، (1) أي نقل نصا من لغته الأصل إلى اللغة الهدف. لكن الفعل "ترجم" يفيد أيضا تفسير النص بذات اللسان من خلال تغيير مستوى لغة النص الأصل صعودا ونزولا: من الأفصح إلى الفصيح أو المتداول أو العامي. من جهة الجوهري، تفيد، إذن، لفظة "ترجمة" توضيح صيغة تعبيرية صعُبَ فهمها وتفسيرها لتسهيل تمريرها مع احتفاظ الترجمة بدقتها والتزامها بالمتلفظ به واحتفاظ التفسير بعموميته وحريته في التصرف. إنها ترجمة من وإلى اللغة ذاتها. وهذا ما يقابل المفهوم الجاكوبسوني (نسبة إلى رومان جاكوبسون) "الترجمة الداخلية" Intralingual Translation.
2.1.1.1. منظور الفيّومي:
للغة، يُسْتَعْمَلُ الفعل المتعدي "ترجم النص" أما للإنسان المتكلم ف"ترجم عنه" أي "أوضح أمره". (2) وقد تولى الفيومي التوليف بين هذه التعاريف وجمعها في مدخل واحد في معجمه:
"تَرْجَمَ فُلَانٌ كَلَامَهُ إذَا بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ وَتَرْجَمَ كَلَامَ غَيْرِهِ إذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِلُغَةٍ غَيْرِ لُغَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَاسْمُ الْفَاعِلِ تُرْجُمَانٌ وَفِيهِ لُغَاتٌ أَجْوَدُهَا فَتْحُ التَّاءِ وَضَمُّ الْجِيمِ وَالثَّانِيَةُ ضَمُّهُمَا مَعًا بِجَعْلِ التَّاءِ تَابِعَةً لِلْجِيمِ وَالثَّالِثَةُ فَتْحُهُمَا بِجَعْلِ الْجِيمِ تَابِعَةً لِلتَّاءِ وَالْجَمْعُ تَرَاجِمُ وَالتَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلِيَّتَانِ فَوَزْنُ تَرْجَمَ فَعْلَلَ مِثْلُ: دَحْرَجَ". (3)
3.1.1.1. منظور النّووي:
من جهته، يوسّعُ النّووي دلالة الفعل "ترجم" إلى أقصى مداه حتى يشمل اللفظ جميع اللغات الممكنة لأنه لم يستعمل، في تعريفه، لا أفعال "التفسير" ولا "النقل" ولا "الإيضاح" ولا "التبيين"، وإنما استعمل فعل التعبير، "عَبّر"، بحيث تصبح الترجمة هي "التعبير" عن لغة أولى بلغة ثانية قد تكون فونيتيكية (لاتينية، عربية، جرمانية) أو مكتوبة (بالحروف او بالرموز) أو إشارية (لغة الصم والبكم) أو حركية (رقص) أو مسموعة (موسيقى) أو سمعية-بصرية (سينما) أو تشكيلية أو غيرها من اللغات اللانهائية:
"الترجمة بفتح التاء والجيم. وهي التعبير عن لغة بأخرى. يقال منه ترجم يترجم ترجمة فهو مترجم وهو الترجمان بضم التاء وفتحها لغتان والجيم مضمومة فيهما". (4)
من جهة النووي، تفيد لفظة "ترجمة" فعل التعبير (من "عَبّر") عن لغة أولى بلغة ثانية قد تكون فونيتيكية (لاتينية، عربية، جرمانية) أو مكتوبة (بالحروف او بالرّموز) أو إشارية (لغة الصّم والبكم) أو حركية (رقص) أو مسموعة (موسيقى) أو سمعية-بصرية (سينما) أو تشكيلية أو غيرها من اللغات. إنها ترجمة بين اللغات اللفظية واللغات غير اللفظية. وهذا ما يقابل المفهوم الجاكوبسوني: "الترجمة بين المنظومات السيميائية" Intersemiotic Translation. وهنا، مع تعريف النووي، يفيد الفعل "ترجم" التحويل العملي البراغماتي كما في "ترجم أقواله إلى أفعال"، كما يفيد أيضا التعبير المادي عن أمر ما كما في "ترجَمَ مشهدُ إغمائِه صدمتَهُ من سماعِ الخبرِ".
وفي الختام، يفيد الفعل "ترجم"، في استعمالات أقل شيوعا، عَنْوَنَ كتابا أو بَوَّبَهُ. كما تفيد "ترجم لفلان: ذكر ترجمته" (5) أي، كتب سيرته وعدد محاسنه ومساوئه وتعقب شجرة نسبهّ. والدلالتان الأخيرتان استعمالاتهما في تراجع وانحصار.
المصدر، "ترجمة"، مصوغ على الوزن الصرفي "فعللة" وفيه ثلاث لغات: "تُرْجُمَة" بتاء وجيم مضمومتان، و"تَرْجَمَة" بتاء وجيم منصوبتين وهي أعلى اللغات الثلاث فيها وأكثرها شيوعا، و"تَرْجُمَة" بتاء مفتوحة وجيم مضمومة. (6) وهو يحيل على عدة مداخل لغوية تتباين حسب الحقل الحاضن. ف"الترجمة"، حين تنتمي للحقل التواصلي، تحيل على نسخ النصوص بأشكالها أو نقلها أو تحويلها من لغة إلى أخرى: "الترجمة بفتح التاء والجيم هي التعبير عن لغة بلغة أخرى". (7) أو هي تحيل على تفسير ذات النصوص من خلال نقلها من مستوى لغوي معين إلى مستوى لغوي ثان مغاير داخل ذات اللغة، سعيا لتيسير فهم النص وتمريره. (8) كما تفيد لفظة "ترجمة" أيضا "العمل المترجم ذاته".
أما في الحقل النحوي، فيقصد ب"الترجمة" اللفظ المقابل للبدل، كما ورد في شرح الأشموني على الألفية: "التابع المقصود بالحُكْم بلا واسطة هو المسمى، في اصطلاح البصْريين، بدَلاً. وأما الكوفيون، فقال الأخفش، يسمونه بالترجمة والتبيين". (9) أما "ترجمة الكتاب: فاتحته". (10) والترجمة، في الحقل الأدبي، تحيل على نوع معين من أنواع جنس السرد الأدبي وهو السيرة بنوعيها: السيرة الذاتية وهي ترجمة ذاتية يكتبها مؤلفها بضمير المتكلم، أو السيرة الغيرية وهي نوع سردي مواز يتعقب فيه مؤلفه حياة علم آخر من الأعلام مستعملا ضمير الغائب. وفي التداول العملي البراغماتي، تحيل "الترجمة" على الانتقال من مرحلة التنظير وتسويق الشعارات وتوزيع الوعود إلى مرحلة ثانية، مرحلة تطبيق الوعود وجعلها واقعا وتنفيذها وتحويل تلك الشعارات إلى أشكال إجرائية ملموسة: "ترجمة الثورات إلى مؤسسات" و"ترجمة الأقوال إلى أعمال".
3.1.1. اسم الفاعل، "تُرْجُمَان":
من الناحية الاشتقاقية، القائم بالترجمة هو إما تُرْجُمَان، وهو اللفظ الأصيل، أو مُتَرْجم، وهو اللفظ المستحدث. فقد جاء في "لسان العرب"، "الترجمان هو المفسر للسان (...) الترجمان، بالضم والفتح: هو الذي يترجم الكلام، أي ينقله من لغة إلى أخرى، والجمع التراجم" (11) وهناك استعمال آخر للجمع: التراجمة. وقد وردت كلمة "ترجمان" في الأحاديث النبوية الصحيحة التي اعتمدها كل من الإمام البخاري والإمام مسلم: "عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ'." (12) كما وردت في أشعار المتنبي:
مـلاعب جنة لو سار فيها | سـليـمـان لـسـار بـتـرجُمـان (13) |
والمقصود هنا في هذا البيت، كما شرحه أبو العلاء المعري: هذه المغاني ملاعب الجنّ؛ لأنهم لا يظهرون؛ لالتفاف الأشجار والكروم، فتسمع أصواتهم ولا ترى أشخاصهم. فشبههم بالجن من هذا الوجه. وقيل: شبههم بالجن لغموض لغتهم. ثم قال: لو سار فيها سليمان، مع علمه بمنطق الطير وسائر الألسن، لاحتاج إلى الترجمان. (14)
"الترجمان" صيغة مبالغة. أي أن الترجمان هو ذلك الفاعل اللغوي والثقافي الذي لا تستعصي عليه لغة في نقل النصوص المكتوبة والمسموعة بفعل المهارة والسرعة والاستعداد لإنجاز ذلك. وهو هنا "يتقاطع" ولا يتطابق مع المترجم لكون استعمالات لفظة "الترجمان" تبدو أوسع من تلك التي يحظى بها المترجم. ف"الترجمان" تستعمل أيضا للدلالة على "الشارح" و"الموضح" و"المفسر" لمعاني النصوص أو "المعلق" عليها أتم ذلك بنفس اللغة الأصل أم بغيرها وتسمية الصحابي ابن عباس ب "ترجمان القران" مثال على ذلك. وهذا الشرح أو التوضيح أو التفسير لمعاني النصوص أو التعليق عليها قد يكون لغويا أو فكريا أو مجازيا.
لفظة "الترجمان" تفاعلت مع الأزمنة الموالية وتأثرت بها وانتهى بها الأمر إلى القبول بتقاسم الأدوار مع لفظة "المترجم" في منتصف القرن العشرين. فقد تم تداول لفظة "ترجمان" منذ القدم. واللغة العربية وكانت تفيد مترجم شفوي وتحريري على السواء. لكنها، بعد الحرب العالمية الثانية وإطلاق محاكمات نورنبيرغ وظهور الحاجة الى ترجمة فورية تيسر التواصل بين القضاة والمتهمين من مجرمي الحرب المفترضين، تخلى "الترجمان" العربي عن مهام الترجمة التحريرية لفائدة "المترجم" التحريري ليتفرغ "الترجمان" للترجمة الفورية دون سواها. وبذلك، صار "الترجمان" في اللغة العربية يقابل Interpreter، القائم بالترجمة الفورية لنص شفهي من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف إما بالتوازي (في نفس الوقت) Simultaneous Interpreting أو بالتتابع (مباشرةً بعد توقف المتحدث عن الكلام) Consecutive Interpreting أو بصريا (قراءة النص المكتوب وترجمته فوريا) Sight Interpreting، ممتثلا لشروط هذه الترجمة الفورية من سلامة النطق وقوة الذاكرة وسرعة البديهة والتمكن من اللغة والطلاقة في تحويل اللغوي الفوري؛ بينما صار "المترجم" يقابل Translator، أي المترجم التحريري المتخصص في ترجمة النصوص الكتابية أو تحويل النصوص الأخرى المسموعة والإشارية إلى نصوص مكتوبة بلغة مغايرة، مُتَحَرّياً في ذلك الدقة البالغة، من جهة، والبراعة في النقل، من جهة ثانية، والحس الأخلاقي، من جهة ثالثة. وكلمة" مُترجِم" لا يوجد لها أصل في المعاجم العربية القديمة. فهي لفظة مستحدثة.
في إطار بحثه عن أصول لفظة "ترجمان"، "Dragoman"، التي شاعت في العالم القديم والوسيط والحديث من بلاد فارس إلى تركيا إلى أوروبا بحيث كانت إلى حدود القرن الثامن عشر لا زالت تستعمل في فرنسا، "Truchement" أو "Trucheman"، للدلالة على المترجم الفوري أو المترجم الرديء، تعقب إدموند كاري مسار لفظة "Dragomanno" التي تعني"ترجمان" حتى انتهى به الأمر إلى عتبة الأصل الأشوري للفظة "رَغَمُ" Ragamo التي تقابل في اللغة العربية لفظة "تكلم". (15) وهنا، وجب التوقف ثلاث مرات عند ما لم يتوقف عنده إدموند كاري، الباحث الفرنسي الذي كان بحثه موجها للأوروبيين قبل غيرهم.
فمن جهة أولى، تبقى اللغة الآشورية واللغة العربية بنات عمّ لكونهما لغتين ساميتين متقاربتين ليس فقط على المستوى اللساني ولكن أيضا على المستوى الجغرافي والتاريخي حيث انتصر العديد من العلماء اللغويين العرب القدامى كإسماعيل بن حمّاد الْجَوْهَري (توفي عام 393 هـ - 1003م) وأتباعه إلى كون "ترجم" أصلها "رجم" وأنها تفيد "تكلم". ولأن اللغات المنضوية إلى شجرة لغوية واحدة غالبا ما تتضمن تحت طبقاتها الكثير من المعاجم المتقاربة والقواعد النحوية وخصائص التلفظ المشتركة، فالأمر ذاته ينطبق على اللغتين، العربية والآشورية، حيث أن صيغة المصدر Infinitive في اللغة العربية تبنى على الفتح والنصب، "رَجمَ"، بينما صيغة المصدر في اللغة الآشورية تبنى على الرّفع والضّمّ، "رَجَمُ" أو "رَغَمُ". كما أن لفظة "رَغَمُ" الآشورية، التي تفيد "تكلم"، تقابلها في اللغة العربية لفظة "رَجَمَ" ولكن في تعبير اصطلاحي واحد وحيد وهو "رَجَمَ بالغيب" أي "تكلّم بالظنّ والحدس"، تكلّم في غياب أي أدلة أو براهين. فالرجم، في "لسان العرب"، هو "الظّن" بالإضافة إلى "السّبّ والشتم" و"اللعن" و"الطرد" و"الهجران" و"الرمي بالحجارة" و"القتل رجما". (16) وهي جمعها دلالات لا تفيد "التواصل" أو "الترجمة".
معنى هذا أن "التقارب" بين اللغتين الساميتين المعنيتين تقارب مُسَلم به ومنطقي ولكن "دلالة" اللفظة في الآشورية هي غيرها في العربية واستعمالاتها هناك غير استعمالاتها هنا. لذلك، بدل النبش في أصول "اللفظة"، لفظة "ترجم"، في زمن ما قبل الإسلام، وجب تجريب "منطق" اشتغال اللفظة الآشورية،"رَغَمُ" Ragamo، في السياق الثقافي العربي حيث سيتضح أن عرب ما قبل الإسلام لم يستعملوا الفعل "ترجم" الذي يفيد "نقل الكلام من لغة مصدر إلى لغة هدف" وإنما استعملوا أفعالا "عربية" أخرى تفيد كلها "استمرارية التواصل داخل اللغة الواحدة"، على خلفية استعمالات فعل "رَغَمُ" Ragamo في السياق الآشوري، كفعل "كتب" للترجمة التحريرية Translating (كان ورقة بن نوفل يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل ما شاء أن يكتب)، (17) وفعل "قرأ" للترجمة الفورية المنظورة Sight Interpreting (كان ورقة بن نوفل رجلا تنصر يقرأ الإنجيل بالعربية). (18) والفعلان، "كتب" و"قرأ"، يفيدان ظاهريا أن "التواصل جاري باللغة الأم" ولكنهما، بحكم قوة التداول، كانا يفيدان "ترجم" تماما كما كانت لفظة "رَغَمُ" الآشورية تفيد "تكلم" و"ترجم" في الآن ذاته.
ففي ثقافة العرب قبل الإسلام، لا توجد وثائق تثبت وجود فعل محدد وموحد دال على الترجمة. فقد كلن النبي (ص)، نظرا لاهتمامه بتصدير رسالة الإسلام إلى غير العرب، أول من استعمل الفعل "ترجم" في القرن السابع الميلادي أما اسم الفاعل "ترجمان" فقد كان متداولا قبل ذلك التاريخ. في فترة الخلافة الراشدية، راج استعمال الفعلين "بلغ" و"أبلغ"، تماشيا وروح "تبليغ" الرسالة المحمدية إلى العالمين ("أبلغه عني إذا تكلمت كما تبلغني عنه إذا كلمني'"). (19) وفي الفترة الأموية، ونظرا لحداثة عهد العرب بالعلوم، فقد شاع استعمال لفظة "فسّر" للدلالة على الترجمة (فسر بنيامين بن شماس للأمير الأموي أبو زبان الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان الأموي الإنجيل بالعربية"). (20) وفي فترة العباسيين، تم تخصيص فعلين متمايزين يحيل كلّ منهما على نمط الترجمة التي يشتغل في إطارها فكان للترجمة التحريرية فعل "نقل" وللترجمة الفورية فعل "ترجم" ("والشعر لا يستطاع أن يترجم، ولا يجوز عليه النقل، ومتى حُوّلَ تقطّع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه وسقط موضع التعجّب لا كالكلام المنثور"). (21)
في القرن التاسع عشر، مع النهضة الثانية للترجمة العربية في زمن محمد على باشا وما بعده، ظهر تياران متصارعان شعارهما الضمني "أسلمة" الترجمة أو "علمنتها". هذان التياران كانا يدينان من جهة إلى تقليد عربي قديم يعود للفترة العباسية ومن جهة أخرى يدينان بالولاء لسلطة الأساليب الدينية على التعبير باللغة العربية أو مناوءتها. هذان التياران هما تيار رفاعة الطهطاوي من مصر والذي أبّد تقليد "النقل الحر"، كما اشتغل به حنين بن إسحاق العبادي الحيري وابنه إسحق والجوهري، مع الوفاء لروح التعبير العربي المحتفي بالمحسنات البيانية (سجع وجناس وطباق ومجاز واستعارة) على طريقة الأسلوب القرآني مستعملا لفظة "عرّب" بدل "ترجم" التي استعملها غريمه اللبناني خريج الجامعة الأمريكية ببيروت بطرس البستاني الذي "الترجمة الحرفية" كما اشتغل بها يوحنا بن البطريق وابن ناعمة الحمصي في الزمن العباسي مع الانشغال بالوفاء للمضمون الأصلي وبالأسلوب الأصلي في النص الأجنبي الأصلي بحيث انتقل "المركز" في ترجماته إلى النص المترجَم وصارت اللغة العربية المترجَم إليها "هامشا". وسرعان ما شاع التقليد الترجمي الذي أرساه البستاني من خلال ترجماته ونصوصه المنشورة على صفحات الجرائد حتى انتصر في معركة القرن التاسع عشر وهيمن على النشاط الترجمي في القرن الموالي، القرن العشرين، بحيث صارت لفظة "ترجم" هي اللفظة المهيمنة في التنظير والبحث والنقد والتلقي الترجمي كما صار منهج الترجمة الحرفية هو المنهج السائد.
في القرن العشرين، خرجت لفظة "تعريب" من السباق لكنها ولجت ميادين أخرى ذات صلة بالترجمة كالسياسات اللغوي وعلم المصطلحية وغيرها. أما مجال الترجمة، في القرن العشرين، فصار له لفظ واحد وحيد يحيل عليه وهو لفظ "ترجمة" بكل أقسامها (الآلية والبشرية، الخالصة والهجينة، التحريرية والشفهية، إلخ). وبذلك، أمكن حصر مجال الترجمة في ست دلالات تحيل جميعا على نقل نص من النصوص مكتوبا كان أو منطوقا أو مصورا أو سمعيا-بصريا أو إشاريا من اللغة الأصل إلى اللغة الهدف مع عدم المساس بالمعاني والخواص المميزة للغتين الأولى والثانية. وهذه الدلالات الست هي: النقل المكتوب Translating (نقل المعنى الظاهر من الكلام من لغة أولى إلى لغة ثانية) والنقل الشفهي Interpreting (نقل الكلام شفهيا من لغة إلى أخرى في عين المكان وذات الزمن) والتفكيك Decoding (فك الشفرات في الوصلات الصعبة على الترجمة أو غير القابلة أصلا للترجمة) والتأويل Interpretation (ترجمة المُضمر أو ما بين السطور) والدبلجة Dubbing (الترجمة المسموعة المصاحبة للأفلام والمسلسلات) والسطرجة Subtitling )الترجمة المكتوبة المصاحبة للأفلام والمسلسلات خلال العرض، أسفل الشاشة).
1.2. انقسام اللغويين حول لفظة "ترجم":
انقسم المعجميون العرب حول لفظة "ترجم" مرتين: المرة الأولى حول أصل اللفظة والمرة الثانية حول طبيعتها. فبينما رأى الفريق الأول اللفظة عربية أصيلة انتقلت مع التواصل النفعي والتبادل الثقافي بين أمم العالم القديم إلى لغات أخرى، اهتدى الفريق الثاني إلى كون اللفظة، في أصلها، أعجمية وأن تعريبها تجذر مع الزمن. هذا الانشقاق الظاهر بين الفريقين اللغويين في البحث اللغوي العربي القديم قد يُظهر سطحه اختلافا علميا صرفا بينما يضمر جوهره اختلافا عقديا عميقا. فمن الجهة الأولى، يبدو اللغويون العرب المؤمنون بأصالة لفظة "ترجم" وعروبتها هم ذات المثقفين المؤمنين بكون اللغة العربية هي "أم" اللغات السامية وأن العرب هم الساميون "الأوائل"، وأن العرب البائدة هي نفسها اللغة التي تطورت إلى لغات سامية "أخرى" حافظت بدورها على نفس الحروف وقواعد التركيب العربية الأولى. ومن الجهة الثانية، ثمة علماء اللغة العرب المؤمنون بأعجمية لفظة "ترجم" التي تعود أصولها إلى سلسلة من اللغات تبدأ بالأكادية ثم الأشورية فالآرامية والسريانية والأوغاريتية وأنها تعربت مع الزمن. وهذا الصنف الأخير هو صنف المثقفين المؤمنين بكون اللغة العربية "سليلة" اللغات السامية الأخرى المعاصرة لها في الزمن أو السابقة عنها.
وبذلك، كان المتمسكون بأصالة لفظة "ترجم" وعروبتها يشكلون، عبر التاريخ، ما يمكن تسميته بالتيار القومي في البحث اللغوي العربي. فقد كانت اللغة العربية، بالنسبة لهذا التيار، هي أمّ اللغات (22) وأكملها (لاشتغالها بثمانية وعشرين حرفا، وهو أعلى سقف) وأغناها (23) (ب 11.232 جذر لغوي مستعمل مُوَلّد ل12.315.412 كلمة) وأقدسها (لغة القرآن الكريم) وهي، في الختام، لغة أهل الجنة. (24) إنها لغة البداية ولغة النهاية وهي أيضا لغة المقدس ما بين البداية والنهاية من الزمن إذ صارت العربية اللغة التي "يحرم" حتى ترجمتها إلى لغة أخرى أو استبدالها بلغة أخرى سواء في قراءة القرآن أو الصلاة أو الآذان أو أداء مناسك الحج أو حتى التشهد. وبالتالي، فقد صارت اللغة العربية، بالنسبة للتيار القومي في البحث اللغوي العربي، هي أول لغة وما دونها روافد لغوية تصب في بحرها. أما التيار الأممي، وهم المنتصرون لأعجمية لفظة "ترجم" وتَعَرُّبِهَا مع الزمن وتجذرها في اللغة العربية، فكانوا دوما يشكلون المد الإنساني في البحث اللغوي العربي وكانوا، بذلك، المنتصرين للمثاقفة والتلاقح الثقافي بين الشعوب، والداعمين لكون لغتهم وثقافتهم ليست أكثر من رافد من روافد اللغة السامية الأولى البائدة.
2.2. في طبيعة الفعل "ترْجم":
منذ البداية، انقسم اللغويون العرب حول طبيعة الفعل "ترجم"، معززين حججهم بالميزان الصرفي العربي الخالص للفظة. فبينما اعتبرها الطرف الأول فعلا ثلاثيا على وزن "فعل"، على اعتبار التاء حرفا من حروف الزيادة، دافع الطرف الثاني عن كون الفعل رباعيا مصوغا على وزن "فعلل" بتاء أصلية.
1.2.2. "تَرْجَم"، فعلا عربيا ثلاثيا قَبِلَ حروف الزيادة:
يناقش بعض دارسي اللغات الشرقية أن أساس الفعل 'تَرْجَمَ' هو 'رَجَمَ' كما وردت في اللغات الأكادية والآشورية والآرامية والأوغاريتية والعربية وغيرها من اللغات السامية وأن التاء زائدة وسبب زيادتها يحتاج إلى بحث لغوي في تاريخ الكلمة ويؤكدون "ندرة" ورود كلمة 'ترجم' أو 'ترجمة' بالمعنى المتعارف عليه حديثا في النصوص العربية القديمة. (25) ويعتبر الجوهري (المتوفى عام 393 هـ) أبرز من اعتبر "ترجم" فعلا ثلاثيا. فقد أورد في "تاج اللغة وصحاح العربية" المعروف اختصارا ب"الصحاح":
"ر.ج.م: الرَّجْمُ القتل وأصله الرمي بالحجارة. وقد رَجَمْته أرجُمُه رَجْماً، فهو رَجيمٌ ومَرْجُومٌ. والرُّجْمَةُ، بالضم: واحدة الرُّجَم والرِّجَامِ، وهي حجارة ضخام دون الرضام، وربما جمعت على القبر ليُسَنم.
وقال عبد الله بن مغفل في وصيته: 'لا تُرَجِّمُوا قبري' أي لا تجعلوا عليه الرجَمَ. أراد بذلك تسوية قبره بالأرض وألا يكون مسنما مرتفعا، كما قال الضحاك في وصيته: 'ارْمُسُوا قبري رمْسا'. والمحدثون يقولون: 'لا ترْجُمُوا قبري' بالتخفيف والصحيح أنه مشدد (...)
ورجل مرْجَمٌ بالكسر، أي شديد، كأنه يُرْجَمُ به معاديه.
وفرس مرْجَمٌ: يرجُمُ في الأرض بحوافره.
والرَّجْمُ: أن يتكلم الرجل بالظن. قال الله تعالى:'رجما بالغيب' ومنه الحديث المُرَجَّمُ، بالتشديد.
وتَرَاجَمُوا بالحجارة ترامَوْا بها (...)
ويقال: قد تَرْجَمَ كلامه إذا فسره بلسان آخر. ومنه التَّرْجَمَانُ وجمعه تَرَاجِمُ كزعفران وزعافر وصحصحان وصحاصح. ويقال تَرْجُمان. ولك ان تضم التاء لضمة الجيم فتقول تُرْجُمان، مثل يَسْروع ويُسْروع".(26)
ويؤازر الجوهري العديد من المعجميين واللغويين والمترجمين ممن يعتبرون تاء الفعل "ترجم" غير أصلية في الكلمة وأنها حرفا من حروف الزيادة كمحمد مرتضى الحسيني الزبيدي الذي أورد "ترجم" ضمن باب "رجم" في كتابه "تاج العروس من جواهر القاموس"(27) وكذلك فعل ابن منظور (630هـ -711هـ) في قاموسه "لسان العرب".
والحقيقة، أنه "لا اتزان إلا بالأوزان"،(28) بتعبير علامة التعريب المغربي إدريس بن الحسن العلمى (2007-1925). ولذلك، كان الميزان الصرفي هو السبيل لإثبات انتساب الفعل "تَرْجَمَ" إلى الفعل الثلاثي "رَجَمَ" أو براءته منه. ولدعم هذا الطرح أو دحضه، سنختبر إمكانية توليد الفعل الرباعي "تَرْجَمَ" من الفعل الثلاثي "رَجَمَ" من خلال تعريض الأخير لزيادة حرف تارة أو حرفين تارة ثانية أو ثلاثة أحرف تارة ثالثة من حروف الزيادة العشرة المعروفة في النحو العربي والمجمعة في "سألتمونيها" أو "اليوم تنساه". حتى إذا ما صار الفعل الثلاثي "رَجَمَ" فعلا مزيدا، عرضناه على الميزان الصرفي. فللفعل المزيد في اللغة العربية أوزان مضبوطة. وقد جمعنا، هنا، الأوزان الممكنة للفعل الثلاثي "رَجَمَ"، تبعا لمعايير الوزن الصرفي العربي:
أولا، أوزان الفعل الثلاثي المزيد بحرف واحد عددها ثلاثة أوزان وهي: أفعَل يُفْعِل (أفلَحَ، يُفْلِحُ) وفَاعَلَ يُفَاعِلُ (دافَعَ، يُدافِعُ) وفَعَّلَ يُفَعِّلُ (سلَّمَ، يُسلِّمُ). ثانيا، أوزان الثلاثي المزيد بحرفين عددها خمسة أوزان وهي اِنْفَعَل يَنْفَعِل (انْقلَبَ، ينقلِبُ) واِفتَعَل يَفتعَل (اقْتَصَدَ، يَقتصِدُ) واِفعلَّ يَفعلُّ (اشتدَّ، يشتدُّ) وتَفعَّل، يَتفعَّل (تقلَّدَ، يتقلَّدُ) وتَفَاعَل يَتَفَاعَل (تقابَلَ، يتقابَلُ). ثالثا، أوزان الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف عددها خمسة أوزان وهي: اِسْتَفْعَل يَسْتَفعِل (اسْتَنْكَرَ، يسْتَنْكِرُ) وافعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ (اخْشَوْشَنَ، يَخْشَوْشِنُ) واِفْعَالَّ يَفْعَالُّ (اِسْوَادَّ، يَسْوَادُّ) واِفْعَوَّل يَفْعَوَل (اجلوَّذ، يجلوّذ)، وافْعَلَلَّ، يَفْعَلِلَّ (اقْمَطَرَّ، يَقْمَطِرُّ). (29)
من خلال تفحص الأوزان الصرفية المولدة أعلاه، يبدو أن إدخال حروف الزيادة "سألتمونيها" على "رجم"، باعتباره فعلا "عربيا" ثلاثيا، سيؤدي إلى أحد الاحتمالات الثلاثة عشر التالية متسلسلة حسب الأوزان الصرفية المحددة في الفقرة السابقة: أَرْجَمَ يُرْجِمُ أو رَاجَمَ يُرَاجِم أو رَجَّمَ يُرَجِّمُ أو انْرَجَمَ يَنْرَجِمُ أو اِرْتَجَمَ يَرْتَجِمُ أو اِرْجَمَّ يَرْجَمُّ أو تَرَجَّمَ يَتَرَجَّمُ أو تَرَاجَمَ يَتَرَاجَمُ أو اِسْتَرْجَمَ يَسْتَرْجِمُ أو اِرْجَوْجَمَ يَرْجَوْجِمُ أو اِرْجَامَّ يَرْجَامُّ أو اِرْجَوَمَّ يَرْجَوَمُّ أو اِرْجَمَمَّ يَرْجَمَمَّ. لكن، منذ الوهلة الأولى، تبدو هذه الاحتمالات كلها مجرد استعمالات لغوية "مهملة" و"غير مستعملة" في اللغة العربية. والأهم، كون هذه الاحتمالات اللغوية الثلاثة عشر جميعها لم تنتج الفعل المنتظر، وهو فعل "تَرْجَمَ". وهذا دليل علمي صارخ على كون الفعل "تَرْجَمَ" ليس فعلا ثلاثيا دخلت عليه حروف الزيادة العربية العشرة، كما ادعى الجوهري وابن منظور وغيرهما، وإنما هو "فعل رباعي" بتاء أصيلة.
2.2.2."تَرْجَم"، فعلا عربيا رباعيا بتاء أصلية:
يعتبر النووي (1233م-1277م) من أوائل من صنفوا "ترجم" كفعل رباعي بتاء أصلية. فقد أورد في "تهذيب اللغات والأسماء": "الترجمة بفتح التاء والجيم (...) والتاء في هذه اللفظة أصلية ليست بزائدة. والكلمة رباعية وغلطوا الجوهري رحمه الله في جعله التاء زائدة وذكره في فصل رَجَمَ".(30) وهو نفس رأي الفيومي المقري (المتوفى سنة 770هـ) في "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير": "َجَعَلَ الْجَوْهَرِيُّ التَّاءَ زَائِدَةً وَأَوْرَدَهُ فِي تَرْكِيبِ ر.ج.م وَيُوَافِقُهُ مَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ التَّهْذِيبِ مِنْ بَابِ رَجَمَ أَيْضًا قَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَهُوَ التَّرْجُمَانُ وَالتُّرْجُمَانُ لَكِنَّهُ ذَكَرَ الْفِعْلَ فِي الرُّبَاعِيِّ وَلَهُ وَجْهٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِسَانٌ مِرْجَمٌ إذَا كَانَ فَصِيحًا قَوَّالًا لَكِنْ الْأَكْثَرُ عَلَى أَصَالَةِ التَّاءِ".(31) ويشاطرهما الرأي مجد الدين الفيروز أبادي (729هـ - 817هـ) إذ اعتبر التاء أصيلة في "ترجم" بدلالة فتحها وأن الفعل رباعي وزنه "فعلل": "والفعل يدل على أصالة التاء".(32)
3.2. في أصل لفظة "تَرْجَم":
ذكر الزبيدي (1145هـ-1205هـ) في كتابه، "تاج العروس من جواهر القاموس"، أن لفظة "تَرْجَمَ" معرّبة وأن أصلها أعجمي وهو "دَرْغَمَ"، "درْغمَانٌ" وأن العرب تصرفت في اللفظة وحولتها إلى "تَرْجَمَ" و"ترْجمَانٌ" قبل أن يفعل الاشتقاق اللغوي فعله فيها ويدرجها كلفظة عربية وزنا ودلالة. (33) وما يعزز هذا الطرح كثرة اللغات التي تتلفظ بها لفظة "ترجمة" بشائعها ومَنْكورها (تُرْجُمَة، تَرْجُمَة، تَرْجَمَة) (34) وكثرة اللغات التي تتلفظ بها لفظة "ترجمان" (تُرْجُمان، تَرْجَمَان، تَرْجُمَان) (35). وهي ظاهرة تختص بها الألفاظ المعرّبة دون الألفاظ العربية الأصيلة التي تتحكم فيها القواعد الاشتقاقية والأوزان الصرفية. ولا يستبعد المعجمي العربي بطرس البستاني أن تكون لفظة "ترجم" مأخوذة من "رجم" في الكلدانية بمعنى "ألقى" و"طرح" أو من "الرجم" في العربية بمعنى "التكلم بالظن" أو "الرجم بالغيب". (36) وهو ذات المنهج الذي سلكه الباحث الفرنسي إدموند كاري حين يردّ لفظة "Dragomanno" التي تعني"ترجمان" إلى اللفظة الأشورية "رَغَمُ" Ragamo التي تقابل في اللغة العربية لفظة "تكلم".
ويعتبر نص الزبيدي المستشهد به آنفا وثيقة لغوية وتاريخية هامة. وهو تصريح جد هام تخوفت من تبنيه العديد من المعاجم العربية إذ ينص "بالتصريح"، من جهة أولى، على كون لفظة "ترجم" لفظة "أعجمية" كما يلمح "بالتضمين" إلى أن اللفظة انتقلت إلى اللغة العربية عبر ثلاث محطات: إذ كانت في المحطة الأولى لفظة أعجمية أصلية يحتمل إدموند كاري أن تكون اللفظة الآشورية "رَغَمُ"، ثم كانت اللفظة الوسيطة "دَرْغَمَ" في المحطة الثانية قبل أن يستقر الاختيار والاستعمال على اللفظة المعربة النهائية "تَرْجَمَ" في المحطة الثالثة والأخيرة. ومنطقي جدا أن تكون لفظة "دَرْغَمَ" نسخة صوتية أولى للفظة "ترجم" الحالية. إذ تبدو "دَرْغَمَ" أكثر وفاء للنطق الأول في الأصل الأول للكلمة، "رَغَمُ". ويبدو أنه، في عملية التأصيل والتعريب للفظة، استبدلت الدال تاء والغين جيما يمانية فصارت اللفظة المعربة تنطق وتقرأ "تَرْكَم" أو "تَرْجَمَ"، حسب المناطق في جزيرة العرب في الزمن الماضي. فمن الناحية الفونيتيكية، "تَرْجَمَ" و"تَرْغَمَ" (أو "تَرْكَم") صورتان صوتيتان لمتلفظ به واحد. وهي نفس الصورة الصوتية الموجودة في الزمن الحاضر في لغات شرقية مجاورة للغة العربية اليوم كالعبرية، "تِرْغِمْ"، والسريانية، "تْرْغْمْ"، واللغة الأرمينية المعاصرة التي هي قريبة الآرامية القديمة، "تَرْغْمَنِير"...
خاتمة وخلاصات:
من جهة اللغة والاصطلاح، سبقت لفظة "ترجمة" دلالة "الترجمة" كما هي متعارف عليها اليوم. ولذلك، كانت من أقدم الاستعمالات للفظة "ترجم" تلك التي تحيل على كتابة سيرة شخص وتعداد محاسنه ومساوئه وتعقب شجرة نسبه، "ترجم لفلان"، وهو استعمال صار اليوم في انحصار متزايد. أما باقي الاستعمالات الأخرى للفظة "ترجمة"، في اللغة العربية، فتفور بالدوال التي تتقاطع أحيانا وتتضارب أحيانا أخرى حسب دائرة اشتغالها: دائرة اشتغال داخلية (داخل اللغة ذاتها) أو بين لغتين مختلفتين (بين اللغة الأصل واللغة الهدف). وقد انقسم حولها اللغويون العرب إلى ثلاث تيارات: تيار الجوهري وتيار الفيومي وتيار النووي.
· فمن جهة الجوهري، تفيد لفظة "ترجمة" توضيح صيغة تعبيرية صعُبَ فهمها وتفسيرها لتسهيل تمريرها مع احتفاظ الترجمة بدقتها والتزامها بالمتلفظ به واحتفاظ التفسير بعموميته وحريته في التصرف. إنها ترجمة من وإلى اللغة ذاتها. وهذا ما يقابل المفهوم الجاكوبسوني (نسبة إلى رومان جاكوبسون) "الترجمة الداخلية" Intralingual Translation.
· ومن جهة الفيومي المقري، فتفيد لفظة "ترجمة" النقل من لغة أولى إلى لغة ثانية إما نقلا لغويا أو معنويا أو جماليا. إنها ترجمة من لغة أصل إلى لغة هدف. وهذا ما يقابل المفهوم الجاكوبسوني "الترجمة البينية" Interlingual Translation.
· أما من جهة النووي، فتفيد لفظة "ترجمة" فعل التعبير (من "عَبّر") عن لغة أولى بلغة ثانية قد تكون فونيتيكية (لاتينية، عربية، جرمانية) أو مكتوبة (بالحروف او بالرّموز) أو إشارية (لغة الصّم والبكم) أو حركية (رقص) أو مسموعة (موسيقى) أو سمعية-بصرية (سينما) أو تشكيلية أو غيرها من اللغات. إنها ترجمة بين اللغات اللفظية واللغات غير اللفظية. وهذا ما يقابل المفهوم الجاكوبسوني: "الترجمة بين المنظومات السيميائية" Intersemiotic Translation.
في القرن العشرين، فرض "التخصص" الذي هيمن على البحث العلمي تشظية اللفظة إلى عشرات المصطلحات إما للإحالة على القسم الترجمي (الترجمة التحريرية والترجمة الفورية) أو للإحالة على الشكل الترجمي (السطرجة والدبلجة) أو للإحالة على المنهج الترجمي (التعريب والنقل وإعادة الكتابة والاقتباس والتصرف) أو غير ذلك.
أما من حيث طبيعة لفظة "ترجمة" وأصلها، فقد انقسم المعجميون العرب حول لفظة "ترجم" مرتين: المرة الأولى حول أصل اللفظة والمرة الثانية حول طبيعتها.
· ففيما يتعلق بأصل اللفظة، رأى الفريق الأول اللفظة عربية أصيلة انتقلت مع التواصل النفعي والتبادل الثقافي بين أمم العالم القديم إلى لغات العالم الأخرى. لقد كان هؤلاء هم المثقفين المؤمنين بكون اللغة العربية هي "أم" اللغات السامية، كما شكلوا، عبر التاريخ، ما يمكن تسميته بالتيار القومي في البحث اللغوي العربي الذي يعتبر اللغة العربية أول لغة وأنها بحر اللغات وما دونها روافد لغوية تصب في بحرها.
· أما الفريق الثاني، فقد اهتدى إلى كون اللفظة، في أصلها، أعجمية وأن تعريبها تجذر مع الزمن. والمثقفون المؤمنون بمبدأ تَعَرّبِ لفظة "ترجمة" هم المثقفون المؤمنون بكون اللغة العربية، أصلا، هي "سليلة" لغات سامية أخرى. إنهم المثقفون المنتصرون للمثاقفة والتلاقح الثقافي بين الشعوب. وهؤلاء يشكلون التيار الأممي في البحث اللغوي العربي.
· التيار اللغوي الأول، التيار القومي، دافع عن كون الفعل "ترجم" فعلا ثلاثيا على وزن "فعل"، على اعتبار أن التاء حرفا من حروف الزيادة. وعرّاب هذا التيار هو الجوهري ويتبعه الزبيدي وابن منظور.
· التيار اللغوي الثاني، التيار الأممي، دافع عن كون الفعل "ترجم" فعلا رباعيا مصوغا على وزن "فعلل" بتاء أصلية. وعرّاب هذا التيار هو سيبويه ويتبعه علماء اللغة العربية من الفرس والكرد والأمازيغ وباقي القوميات والديانات المنتسبة للثقافة العربية-الإسلامية.
وبعيدا عن صراعات الأجنحة في البحث اللغوي العربي، وبالاحتكام إلى الميزان الصرفي العربي الخالص للفظة "ترجم"، تم التوصل إلى أن الفعل "ترجم" هو "فعل رباعي" بتاء أصيلة وليست بزائدة وأن الأوزان الثلاثة عشر التي تنطبق على الأفعال الثلاثية التي تدخل عليها حروف الزيادة لا يمكنها توليد لفظة "ترجم". وهو ما يعني أن لفظة "ترجم" رباعية أولا وأعجمية ثانيا.
لقد كان اختيار العرب للفظة "ترجم" كمصطلح دال على فعل التواصل والتلاقح بين الشعوب يعود إلى تركيز العرب على اللفظة الجامعة للثقافات ما دامت الترجمة أداة المثاقفة. فلفظة "ترجم" التي خرجت من رحم ثقافات أخرى وتجذرت في اللغات السامية قاطبة من كلدانية وآشورية وآرامية وأوغاريتية وسريانية وعبرية وغيرها. كما سادت اللفظة، "ترجم" في لغات عالمية أخرى لغاية القرن التاسع عشر كلفظة "دراغومانو" التي تفيد "ترجمان". فاختيار العرب للفظة "ترجم" هو اختيار مبني ليس على خلفية "منهج" من مناهج الترجمة، كما هو الحال في الثقافة الغربية، وإنما هو مبني على "فلسفة" خاصة و"رؤية" محددة للترجمة قوامها أن الترجمة، كأداة تواصلية تتقصد التقريب بين الشعوب، يليق بها أن تتوشح بلفظة دالة "تتقاسمها" لغات متعددة.
وتبعا لهذه النتائج، يتضح بالملموس أن القرن العشرين كان قرن اكتساح لفظة "ترجمة" للمجال التواصلي والترجمي بقوة كما كان قرن تحرير الفعل الترجمي العربي من البهرجة البيانية والمحسنات البديعية فَتَرَسّمَ التعبير بلفظة "ترجمة" للدلالة على "الترجمة الشفهية" و"الترجمة التحريرية" على السواء. وبذلك، صارت "ترجمة" هي اللفظة الرسمية للتعبير عن محاولات تحقيق التواصل بين اللغات والثقافات: "ترجمة حرفية" و"ترجمة حرة (جدا)". أما باقي الألفاظ المستعملة في العصور الغابة، "أبلغ" و"بلّغ" To Inform و"فسّر" To Interpretو"نقل" To Transfer و"عرّب" To Idiomatise وغيرها، فقد توارت لتصبح مجرد "أدوات ترجمية".
الهوامش:
(1)- الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حماد: الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) [مرتب ترتيبا ألفبائيا وفق أوائل الحروف]، تحقيق: محمد محمد تامر وأنس محمد الشامي وزكرياء جابر أحمد، (القاهرة: دار الحديث، 2009)، ص. 431.
(2)- معلوف، لويس: المنجد في اللغة والأدب والعلوم، الطبعة التاسعة عشر، (بيروت: المطبعة الكاثوليكية، بدون تاريخ)، ص. 60.
(3)- الفيومي المقري، أحمد بن محمد بن علي: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، )بيروت: المكتبة العلمية، بدون تاريخ(، ص. 73.
(4)- النووي، أبو زكريا محيي الدين بن شرف: تهذيب الأسماء واللغات، الجزء الأول من القسم الثاني، (بيروت: دار الكتب العلمية، بدون تاريخ)، ص. 41.
(5)- مجمع اللغة العربية، المعجم الوجيز، (القاهرة: دار التحرير للطباعة والنشر، 1989)، ص. 74.
(6)- الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب: القاموس المحيط، قدم له وعلق حواشيه: الشيخ أبو الوفا نصر الهوريني المصري الشافعي، الجزء الرابع، الطبعة الأولى، )بيروت: دار الكتب العلمية، 1995)، ص. 81.
(7)- تهذيب الأسماء واللغات، ص. 41.
(8)- مسعود، جبران: الرائد (معجم لغوي عصري رتبت مفرداته وفق لحروفها الأولى)، الطبعة السابعة، (بيروت: دار العلم للملايين، 1992)، ص. 206.
(9)- الشافعي، محمد بن علي الصبان: حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، ضبطه وصححه وخرج شواهده: إبراهيم شمس الدين، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، )بيروت: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، 1997 (، ص.183.
(10)- المنجد في اللغة والأدب والعلوم، ص. 60.
(11)- ابن منظور، لسان العرب، المجلد الخامس والسادس، الطبعة السادسة، (القاهرة: دار صادر، 2008)، باب "رجم"، ص.117.
(12)- البخاري، الإمام محمد بن إسماعيل أبو عبد الله: الجامع الصحيح، تحقيق: محمد ز ير بهن ناصر الناصر، شر ح وتعليق: د. مصطفى ديب البغا، الجزء الرابع، الطبعة الأولى، (دمشق: دار طوق النجاة، 1422هـ)، حديث مسجل تحت رقم 3595، ص. 194.
(13)- أحمد بن الحسين المتنبي، ديوان المتنبي، شرح عبد الرحمان البرقوقي، الجزء الرابع، ص. 384.
(14)- أبو العلاء المعري، معجز أحمد (أو: شرح ديوان أبي الطيب المتنبي)، تحقيق: ودراسة عبد المجيد دياب، الجزء الأول، (القاهرة: دار المعارف، سلسلة ذخائر العرب، عدد 65،سنة 2017)، ص. 447.
(15)- Cary, Edmond, Les grands traducteurs français. Genève : Librairie de l'université Georg et Cie, 1963, p. 5.
(16)- ابن منظور، لسان العرب، المجلد الخامس والسادس، الطبعة السادسة، (القاهرة: دار صادر، 2008)، باب "رجم"، ص.116.
(17)- الحافظ بن كثير، البداية والنهاية، الجزء الثاني، (بيروت: مكتبة المعارف، 1990)، ص. 296.
(18)- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه محب الدين الخطيب عليه، تعليقات العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، (بيروت: دار المعرفة، 1379)، الحديث رقم 3212.
(19)- الطبري، تاريخ الرسل والملوك. طبعة 1879، ص. 524.
(20)- ساويرس بن المقفع، كتاب سير الآباء والبطاركة، الجزء الأول، (طبعة باريس، 1904)، ص. 143.
(21) - الجاحظ، كتاب الحيوان، تحقيق محمد عبد السلام هارون، الجزء الأول، (بيروت: دار الجيل، 1955)، ص. 75.
(22)- أخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ لُغَتُهُ في الجَنَّةِ العَرَبِيَّةَ فَلَمّا أكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ سُلِبَها فَتَكَلَّمَ بِالسُّرْيانِيَّةِ فَلَمّا تابَ رَدَّها اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ.
(23)- عبد الرؤوف بابكر السيد، المدارس العروضية في الشعر العربي، (المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، 1985).
(24)- أورد ابن كثير في تفسيره لسورة الشعراء حديثا نبويا جاء فيه "قال: واللسان يوم القيامة بالسريانية، فمن دخل الجنة تكلم بالعربية، رواه ابن أبي حاتم" (مجلد 3/ص 348). كما أورد ابن القيم في كتابه حادي الأرواح: "روى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: لسان أهل الجنة عربي".
كما روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أنه قال: "قال رسول الله (ص) أحبّوا العرب لثلاث لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي".
ثمة حديث آخر منسوب إلى هارون بن رئاب، عن أنس بن مالك أنه قال: "قال رسول (ص): «يدخلُ أَهلُ الْجَنةِ الْجَنَّةَ عَلَى طُولِ آدَمَ، سِتِّينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ المَلِكِ، على حُسْنِ يُوسُفَ، وعلى مِيلادِ عيسى ثلاث وَثلَاثِينَ، وعلى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جُرْدٌ مُرْدٌ مُكَحَّلُونَ».
وقد بلغ الاجتهاد ببعض العلماء المسلمين أن تجاوزوا الأحاديث الموضوعة والضعيفة فقالوا بأن اللغة العربية هي لسان أهل الجنة لأن القرآن الكريم عربي ونبي الإسلام عربي. أما لسان جهنم فالفارسية لأنها كانت لغة المجوس، عبدة النار.
والحقيقة أن كل هذه الأحاديث المنسوبة للنبي هي أحاديث "موضوعة" و"ضعيفة" بإجماع علماء الإسلام. ودلالة وضعها وضعفها في كون رواتها قلائل وغير ثقاة. كما أنها أحاديث تتحكم فيها المصلحة إذ لم يرد لا في القرآن ولا في السنة ما يبين ذلك أو يؤكده أو يدحضه.
(25)- إيهاب عبد الرحيم محمد، "معوقات الترجمة العلمية و... تعريب الطب"، (في) الثقافة العلمية واستشراف المستقبل، الطبعة الأولى، (الكويت: سلسلة كتاب العربي، عدد 67، 15 يناير 2007)، ص. 179.
(26)- الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، باب الميم، (رجم).
(27)- الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني: تاج العروس من جواهر القاموس، اعتنى به ووضع حواشيه عبد المنعم خليل إبراهيم وكريم سيد محمد محمود، الجزء الحادي والثلاثون (بيروت: دار الكتب العلمية، دون تاريخ)، باب الميم، ص. 171-172.
(28)- إدريس بن الحسن العلمي، "لاَ اتِّزَانَ إِلاَّ بِالْأَوْزان"، مجلة اللسان العربي، (الرباط: العدد 45)، ص. 127.
(29)- محمد عكاشة، علم الصرف الميسر، الطبعة الأولى، (القاهرة: الاكاديمية الحديث للكتاب الجامعي، 2005)، ص. 70-73.
(30)- تهذيب الأسماء واللغات، ص.41.
(31)- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، ص. 73.
(32)- القاموس المحيط، ص. 17.
(33)- تاج العروس من جواهر القاموس، باب الميم، ص. 171-172.
(34)- القاموس المحيط، ص. 81.
(35)- تهذيب الأسماء واللغات، ص.41.
(36)- بطرس بستاني، محيط المحيط، المجلد الأول، (بيروت: دون ناشر، 1867)، ص. 161.
بيبليوغرافيا:
1. المصادر العربية:
ابن منظور: لسان العرب. المجلد الخامس والسادس. الطبعة السادسة. (القاهرة: دار صادر، 2008).
البخاري، الإمام محمد بن إسماعيل أبو عبد الله: الجامع الصحيح. تحقيق محمد ز ير بهن ناصر الناصر. شرح وتعليق د. مصطفى ديب البغا. الجزء الرابع. الطبعة الأولى. (دمشق: دار طوق النجاة، 1422هـ). حديث مسجل تحت رقم 3595.
الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر: كتاب الحيوان. تحقيق محمد عبد السلام هارون. الجزء الأول. (بيروت: دار الجيل، 1955).
الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حماد: الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية). تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. الطبعة الثانية. الجزء الخامس. )بيروت: دار العلم للملايين، 1979).
الحافظ بن كثير: البداية والنهاية. الجزء الثاني. (بيروت: مكتبة المعارف، 1990).
الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني: تاج العروس من جواهر القاموس. اعتنى به ووضع حواشيه عبد المنعم خليل إبراهيم وكريم سيد محمد محمود. الجزء الحادي والثلاثون (بيروت: دار الكتب العلمية).
ساويرس بن المقفع: كتاب سير الآباء والبطاركة. الجزء الأول. (طبعة باريس، 1904).
الشافعي، محمد بن علي الصبان: حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك. ضبطه وصححه وخرج شواهده إبراهيم شمس الدين. الجزء الثالث. الطبعة الأولى. )بيروت: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، 1997م(.
الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير: تاريخ الرسل والملوك. طبعة 1879.
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري. قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه محب الدين الخطيب عليه. تعليقات العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز. (بيروت: دار المعرفة، 1379). الحديث رقم 3212.
الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب: القاموس المحيط. قدم له وعلق حواشيه الشيخ أبو الوفا نصر الهوريني المصري الشافعي. الجزء الرابع. الطبعة الأولى. )بيروت: دار الكتب العلمية، 1995).
الفيومي المقري، أحمد بن محمد بن علي: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. )بيروت: المكتبة العلمية، بدون تاريخ(.
المتنبي، أحمد بن الحسين: ديوان المتنبي. شرح عبد الرحمان البرقوقي. الجزء الرابع.
المعري، أبو العلاء. معجز أحمد (أو: شرح ديوان أبي الطيب المتنبي). تحقيق ودراسة عبد المجيد دياب. الجزء الأول. (القاهرة: دار المعارف، سلسلة ذخائر العرب، عدد 65، 2017).
النووي، أبو زكريا محيي الدين بن شرف: تهذيب الأسماء واللغات. (بيروت: دار الكتب العلمية، بدون تاريخ).
بستاني، بطرس: محيط المحيط. المجلد الأول. (بيروت: دون ناشر، 1867).
مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز. (القاهرة: دار التحرير للطباعة والنشر، 1989).
مسعود، جبران: الرائد (معجم لغوي عصري رتبت مفرداته وفق لحروفها الأولى). الطبعة السابعة. (بيروت: دار العلم للملايين، 1992).
معلوف، لويس: المنجد في اللغة والأدب والعلوم. الطبعة التاسعة عشر. (بيروت: المطبعة الكاثوليكية، بدون تاريخ).
2. المراجع العربية:
السيد، عبد الرؤوف بابكر: المدارس العروضية في الشعر العربي. (المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، 1985).
عكاشة، محمد: علم الصرف الميسر. الطبعة الأولى. (القاهرة: الاكاديمية الحديث للكتاب الجامعي، 2005).
محمد، إيهاب عبد الرحيم: "معوقات الترجمة العلمية و... تعريب الطب" (في) الثقافة العلمية واستشراف المستقبل. الطبعة الأولى. (الكويت: سلسلة كتاب العربي، عدد 67، 15 يناير 2007).
3. المراجع الأجنبية:
Cary, Edmond: Les grands traducteurs français. (Genève: Librairie de l'université Georg et Cie, 1963).
4. المجلات العربية المحكمة:
العلمي، إدريس بن الحسن: "لاَ اتِّزَانَ إِلاَّ بِالْأَوْزان" (في) مجلة اللسان العربي. عدد: 45.