البدايات والامتداد
سؤال: من هو محمد سعيد الريحاني الإنسان والمبدع والمثقف في كلمات؟
جواب: شجرة "أركانة" لا تنبت إلا في المغرب.
سؤال: من ورطك في الكتابة؟
جواب: في البداية كانت حَكَايَا صديقة أمي والتي كنت أناديها ب"الخالة". وبعد ذلك كانت روائع الروايات الكلاسيكية الغربية على شاشة التلفاز مسلسلة ومدبلجة بالعربية ثم كانت القراءة والاتصال المباشر بالكتاب وبعدها دخلت الكتابة على الخط.
سؤال: نشرت أولى نصوصك القصصية بعد عشر سنوات تقريبا على دخولك عالم الكتابة، لماذا هذا التأخر في النشر؟
جواب: تأخرت في النشر حتى لا أندم على ما كتبته لأن القاعدة في النشر هي أن العمل الإبداعي يختلف عن العمل الفكري. فبينما يحق للناقد والباحث والمفكر أن يسرع في النشر في طبعة أولى ثم يعود ثانية ليصدر "طبعة ثانية مزيدة ومنقحة"، لا يحق للمبدع أن "يغير" في كتاباته تحت أي مسمى بعد نشر النص. ولهذا تجد الكتاب"المقلين" في الغالب هم المبدعون أما الباحثون والنقاد والمفكرون والفلاسفة فيحتفظون بخاصية غزارة الإنتاج بموازاة مع احتفاظهم بالحق في مراجعة إصداراتهم وتنقيحها طبعة بعد طبعة....
سؤال: لمحمد سعيد الريحاني أعمال صدر بعضها ورقيا بينما لا زال البعض الآخر ينتظر فرصة خروجه للنور. وتتوزع هذه الأعمال ما بين البحث الأدبي و الفني والإبداع القصصي والترجمة من وإلى اللغتين الفرنسية والانجليزية... وفي كل مرة يُفاجَأُ المتلقي بتميزك في أحد الفروع المذكورة. فأين يجد محمد سعيد الريحاني نفسه أكثر؟
جواب: أنا لا أكتب في الحقول التي تكوّنْتُ فيها أكاديميّا. أنا أكتب في الحقول التي أحببتها بكل جوارحي. لا يحرّكني في كتاباتي وأبحاثي لا الحصول على الشواهد ولا التعويضات ولا الترقيات ولا التسلق ولا التطلع ولا أي شيء. أنا أبحث عن سعادتي وسعادة قرائي من خلال ما أكتبه. ولأنني عاشق للأدب والفن، فقد كان من الطبيعي أن تجدني أكتب وأبحث في الأدب والفن. أما اللغة فليست ذات أهمية: فقد أكتب بالعربية أو الفرنسية أو الإنجليزية لكن القارئ المخاطب هو من يحدد اللغة. أستحضر بالمناسبة روايتي القادمة "قيس وجولييت" وهي قصة حب عابرة للقارات تطلبت لغة عابرة للقارات: اللغة الإنجليزية.
سؤال: أحب محمد سعيد الريحاني الفنون السبعة وجرب إبداعا ونقدا وبحثا، كما أبدع و أتقن أجناسا أدبية مختلفة وصرح في حوار سابق بأنه ينوي نشر روايته "قيس و جولييت" إما باللغة العربية أو اللغة الانجليزية أوهما معا، هل يمكننا القول بأنك مع الفكرة السائدة بإننا نعيش عصرالرواية؟
جواب: العصور "لا تتلاحق" بالمعنى الكرونولوجي وإنما "تتعايش" و"تتداخل". فهل نحن جميعا نعيش عصرنا هذا في قرنه الواحد والعشرين؟
لا أعتقد ذلك. فمنّا من يعيش العصر ويحرص على المواكبة حتى لا يفوته الركب ولكن منا أيضا من لا زال يَسْخَرُ من الإنترنت وبطش الصورة وسيولة المعرفة...
منّا من يعيش في الفيللات المتحكمة في الفصول بمكيفات تهوية ومنا من يموت في كوخه على قمم جبال الأطلس حين يشتد البرد فلا يجد ما يلتحف به ولا يسمح له حارس الغابة بجمع الأعواد للتدفئة...
منّا من يِؤمن بتداول السلطة ومنا من يموت على الكرسي وأسنانه مغروسة في خشبه...
العصور تتعايش والمعارف تتعايش والآداب تتعايش...
لا زال الشعر يُرَقّصُ الوجدان ولا زالت الملحمة الشعرية والسردية تلهبان الخيال ولا زالت القصة القصيرة تبرق في الظلمات وتنير ما يمكن إنارته...
سؤال: هناك من يرى بأنك تمتلك ملكة الكتابة الشعرية من خلال العديد من نصوصك القصصية، ما رأيك؟
جواب: في سن الثالثة عشر من العمر، أدركت قدري وعلمت بأنني لن أكون شاعرا فحوّلت الاتجاه نحو الشطرنج والرياضة والفن والموسيقى ولم يستقر لي حال إلا مع الكتابة السردية، خاصة اليوميات. ومن اليوميات انتقلت إلى كتابة مسرحيات قصيرة وقصص قصيرة اتضح لي من خلال المقارنة بأنني سأكون أفضل حالا في الكتابة السردية. لذلك تخصصت أولا في كتابة القصة القصيرة. وبعدها بخمسة عشر عاما، قبلت بخوض غمار القصة القصيرة جدا. وعما قريب، سأنشر الروايات التي أحتفظ بها منذ سنوات كمسودات على مكتبي.
سؤال: انضممت مؤخرا إلى أسرة تحرير مجلة "كتابات إفريقية" البريطانية. ماذا يعني لك ذلك؟
جواب: العضويات ليست ذات شأن ولا يمكنها الإعلاء من شأن الأديب أو التقليل من قامته وعطائه. وحدها إصدارات الأديب وإنتاجاته كفيلة بتمثيله. وإلا فمن من القراء يذكر بأن امرؤ القيس كان ملكا؟
لا منصب يمكنه مضاهاة شرف موهبة شاعر او كاتب أو فنان. كم ملكا عبر في صمت نحو النسيان بينما خَلُدَ شاعر أمي مملوك اسمه "عنترة" وشاعر ضرير اسمه هوميروس...
المناصب والعضويات لا علاقة لها بالإبداع. وعليه، فما يهمني هو أن أفكر في ما أريده وأن أقول ما أفكر فيه وأن أكتب ما أقوله وأن يكون كل ذلك في خدمة الرقي بالإنسان هنا وفي كل مكان.
حوار منشور على جريدة "القدس العربي" اليومية اللندنية، عدد الجمعة 23 شتنبر 2011
حوار منشور على جريدة "العرب" اليومية الدولية، عدد 02 شتنبر 2011
حوار منشور ضمن مواد كتاب "رَيْحَاننِات" لأنس الفيلالي، 2012.